ولادة جيل جديد من الهواتف الذكية

عندما كشفت شركة أوبو (OPPO) عن سلسلة هواتفها الجديدة Find X9، لم يكن الأمر مجرد إطلاقٍ لجهاز جديد في سوق مزدحم بالمنافسة، بل كان إعلانًا واضحًا عن بداية فصل جديد في علاقة الإنسان بالتكنولوجيا.
الهواتف لم تعد مجرد وسيلة للاتصال أو الترفيه، بل أصبحت أداة متكاملة لتوثيق الحياة وتحليلها، ومساعدًا ذكيًا يواكب كل لحظة من يوم المستخدم.
ومع سلسلة Find X9، قررت أوبو أن تضع نفسها في مقدمة السباق نحو **عصر التصوير الحاسوبي والذكاء الاصطناعي المتكامل**، مستندة إلى خبرتها العميقة في تصميم العدسات والبرمجيات ومعالجات الصور.

هذا الجيل الجديد من الهواتف لا يمثل فقط قفزة تقنية، بل أيضًا فلسفة تصميمية وفكرية جديدة، تعيد تعريف معنى “الهاتف الذكي”، وتكشف عن مدى نضج الشركات الآسيوية في قيادة التحول القادم في عالم الأجهزة المحمولة.
فأوبو لا تكتفي بالمنافسة مع الكبار مثل آبل وسامسونج، بل تسعى لصنع هوية خاصة تُميزها كقوة إبداعية تجمع بين التكنولوجيا والفن.

التصوير الحاسوبي.. العدسة التي ترى أكثر من العين

مفهوم جديد في عالم التصوير

في الماضي، كان الحديث عن جودة الكاميرا يقتصر على عدد الميجابكسل أو حجم العدسة، لكن أوبو مع Find X9 قلبت المفهوم رأسًا على عقب، لتدخل عالم التصوير الحاسوبي (Computational Photography) بكل قوة.
هذا المفهوم يعتمد على الذكاء الاصطناعي والخوارزميات المتقدمة لمعالجة الصور بعد التقاطها، بحيث لا يكون الجمال نتاج العدسة فقط، بل أيضًا نتيجة تحليل بيانات معقدة يقوم بها الهاتف لحظة التصوير.

من خلال معالج الصور الجديد Marisilicon X Gen 3، استطاعت أوبو أن تجعل الكاميرا قادرة على تحليل الإضاءة، والتباين، ودرجة حرارة اللون، وتفاصيل الوجه أو الخلفية، لتدمج بين أكثر من لقطة في جزء

من الثانية وتنتج صورة مثالية في أي ظروف.
هذه التقنية لا تُحاكي الواقع فحسب، بل “تعيد خلقه” بأسلوب فني يُضاهي كاميرات السينما الاحترافية.

الذكاء الاصطناعي كمخرج سينمائي

واحدة من أكثر الابتكارات المدهشة في Find X9 هي قدرة النظام على فهم نية المصور.
فعند توجيه الكاميرا إلى مشهد طبيعي مثل الغروب، يستطيع الهاتف التمييز بين عناصر الصورة – السماء، السحب، الماء – ويُجري تحسينات مختلفة لكل منها تلقائيًا، في عملية تُشبه ما يفعله مخرج سينمائي أثناء المونتاج.

وبحسب أوبو، فإن الخوارزميات الجديدة تعتمد على نماذج تعلم عميق تم تدريبها على أكثر من 200 مليون صورة، مما يمنح النظام فهمًا بصريًا أشبه بالإنسان.
فهو يعرف متى يفضل المصور ألوانًا دافئة، ومتى يريد إبراز تفاصيل الظلال أو الخلفيات، وكل ذلك بدون أي تدخل يدوي.

تصميم Find X9.. الجمال الذي يخدم الأداء

لم تكتف أوبو بالابتكار في البرمجيات، بل قدمت أيضًا تصميمًا يُعد من أكثر التصاميم أناقة في تاريخ الهواتف الذكية.
جاء هيكل Find X9 من الألمنيوم المصقول بخطوط منحنية خفيفة تسهّل الإمساك بالهاتف وتمنحه لمسة فاخرة، فيما يغطي الظهر طبقة من السيراميك المقاوم للخدوش، متاحة بألوان جديدة مستوحاة من الطبيعة: الأزرق الضبابي، الأبيض اللؤلؤي، والأسود العميق.

تقول أوبو إن فلسفة التصميم مستوحاة من مفهوم “الاندماج بين التقنية والفن”، وهو ما يتضح في وحدة الكاميرا الخلفية التي تبدو وكأنها محفورة من جسم الهاتف نفسه.
كما حرصت الشركة على تقليل الحواف إلى أقصى درجة، مع شاشة منحنية بزاوية 75 درجة توفر تجربة بصرية غامرة تشبه اللوحات الفنية.

شاشة من مستوى المستقبل

تكنولوجيا العرض الأقرب إلى العين البشرية

تأتي هواتف Find X9 بشاشة AMOLED QHD+ بمعدل تحديث 144 هرتز وسطوع مذهل يصل إلى 3000 شمعة، ما يجعلها من أكثر الشاشات وضوحًا في السوق.
وتستخدم أوبو تقنية جديدة تُعرف باسم Adaptive Light Sense، حيث يقوم الهاتف بتحليل إضاءة البيئة المحيطة ولونها، ليُعدل تلقائيًا حرارة الألوان وسطوع الشاشة لتوفير راحة قصوى للعين.

أما على مستوى الصوت، فقد دمجت الشركة نظام صوتي محيطي بتقنية Dolby Atmos مع مضخم صوت ديناميكي يُحدث تأثيرًا سينمائيًا أثناء مشاهدة الفيديوهات أو اللعب، ليجعل التجربة غامرة بشكل غير مسبوق.

الأداء.. المعالج الأقوى من كوالكوم والذكاء الاصطناعي في كل تفصيلة

يعمل Find X9 بمعالج Snapdragon 8 Gen 4 الأحدث من شركة كوالكوم، المبني بتقنية 3 نانومتر لتقديم أداء فائق وكفاءة طاقة استثنائية.
هذا المعالج يضم وحدة معالجة عصبية (NPU) قادرة على تنفيذ أكثر من 40 تريليون عملية في الثانية، مما يجعل كل جزء في الهاتف مدعومًا بالذكاء الاصطناعي – من الكاميرا إلى استهلاك الطاقة وحتى إدارة حرارة الجهاز.

وبفضل ذاكرة وصول عشوائي تصل إلى 16 جيجابايت من نوع LPDDR5X وتخزين UFS 4.0 فائق السرعة، يمكن للهاتف تشغيل تطبيقات متعددة وألعاب ضخمة دون أي تباطؤ.
بل إنه يتعلم سلوك المستخدم بمرور الوقت، فيُسرّع التطبيقات الأكثر استخدامًا ويُغلق الخلفية غير الضرورية تلقائيًا للحفاظ على البطارية.

الذكاء الاصطناعي الشخصي.. هاتف يعرفك أكثر مما تظن

مساعد رقمي يتطور معك

تقدم أوبو في Find X9 نسخة جديدة من مساعدها الذكي OPPO Sense AI، الذي أصبح أكثر تكاملًا وذكاءً من أي وقت مضى.
المساعد لا يقتصر على الرد على الأسئلة أو تنظيم المهام، بل أصبح يتعلم أسلوب المستخدم في الكتابة والكلام ليقترح عليه ردودًا واقعية في الرسائل، ويذكّره بالأحداث المهمة بناءً على عاداته اليومية.

كما يستخدم الذكاء الاصطناعي في تحليل الحالة المزاجية للمستخدم عبر نبرة الصوت أو تعبير

الوجه أثناء المكالمات، ليُظهر اقتراحات مثل “خذ استراحة قصيرة” أو “هل ترغب في الاستماع إلى موسيقى مريحة؟”.
بهذا المعنى، يتحول الهاتف إلى رفيق ذكي حقيقي يراعي الجانب الإنساني للمستخدم.

الذكاء الاصطناعي في البطارية وإدارة الطاقة

يُعتبر Find X9 من أوائل الهواتف التي تستخدم خوارزمية ذكاء اصطناعي لتوزيع الطاقة بذكاء.
حيث يراقب الهاتف عادات المستخدم اليومية، ويتعلم متى يُشحن الجهاز عادةً، ليُبطئ سرعة الشحن قرب النهاية ويحافظ على عمر البطارية على المدى الطويل.
كما يمكنه التحول تلقائيًا إلى وضع الأداء المنخفض أثناء النوم أو الاجتماعات لتقليل استهلاك الطاقة دون أن يشعر المستخدم.

الكاميرا.. شراكة أوبو مع هاسلبلاد تصل إلى ذروتها

تواصل أوبو تعاونها مع شركة Hasselblad السويدية العريقة في تطوير أنظمة التصوير، لتقديم تجربة تصوير تضاهي كاميرات DSLR الاحترافية.
ويأتي Find X9 بعدسات ثلاثية رئيسية: عدسة رئيسية بدقة 50 ميجابيكسل بمستشعر IMX989، وعدسة بزاوية عريضة بدقة 48 ميجابيكسل، وعدسة تليفوتو بدقة 64 ميجابيكسل بتقريب بصري 6x.

ما يميز هذه الكاميرات ليس فقط العتاد، بل البرمجيات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي التي تضمن ألوانًا أكثر واقعية، وتوازنًا مثاليًا بين الضوء والظل.
كما أضافت أوبو وضعًا جديدًا للتصوير الليلي يُعرف باسم Hasselblad Night Vision، الذي يعيد تفاصيل الألوان في الإضاءة الضعيفة دون تشويش.

فيديوهات بجودة السينما

يدعم Find X9 تسجيل الفيديو بدقة 8K بمعدل 60 إطارًا في الثانية، مع نظام تثبيت بصري إلكتروني مزدوج.
كما يقدم ميزة “AI Movie Mode” التي تتيح للهاتف تحليل المشهد وإضافة عمق ميداني تلقائي يحاكي الكاميرات السينمائية، ما يجعل الفيديو يبدو وكأنه مُصور بعدسات احترافية حقيقية.

الذكاء الاصطناعي والتصوير الجينومي البصري

واحدة من المفاجآت الكبرى في Find X9 هي ما أطلقت عليه أوبو اسم “التصوير الجينومي البصري”، وهي

تقنية تستخدم الذكاء الاصطناعي لبناء “ملف بصري” لكل مستخدم بناءً على تفضيلاته الجمالية، مثل درجات الألوان ونمط الإضاءة، لتعديل الصور المستقبلية وفقًا لذوقه.
بهذا، يصبح كل هاتف Find X9 “كاميرا فريدة” تشبه شخصية مالكها.

الاتصال والأمان.. العالم في جيبك

يدعم Find X9 شبكات الجيل الخامس (5G) بسرعة تصل إلى 10 جيجابت في الثانية، بالإضافة إلى أحدث معايير Wi-Fi 7 وBluetooth 5.4، ما يجعل الاتصال أكثر استقرارًا وسرعة.
أما من حيث الأمان، فقد زُود الهاتف بتقنية Oppo Secure Zone التي تفصل البيانات الحساسة عن النظام الرئيسي وتُشفّرها بخوارزميات مقاومة للاختراق.

كما يُتيح النظام للمستخدم إنشاء “مساحة ذكية خاصة” لتخزين الملفات الحساسة، تُفتح فقط عبر بصمة مزدوجة للوجه والصوت، مما يرفع معايير الخصوصية إلى مستوى غير مسبوق.

نظام التشغيل ColorOS 15.. الواجهة التي تفهمك

يأتي الهاتف بواجهة ColorOS 15 الجديدة المبنية على Android 15، مع تصميم أكثر انسيابية وألوان مستوحاة من الطبيعة.
الواجهة صارت أكثر ذكاءً في ترتيب التطبيقات، حيث تُعيد تنظيم الشاشة تلقائيًا حسب الاستخدام، كما تُغير لون الخلفية بناءً على الوقت من اليوم لتقليل إجهاد العين.

أضف إلى ذلك ميزة “المساعد السياقي” التي تُظهر المعلومات بناءً على الموقع، مثل تذاكر الطيران عند الوصول للمطار، أو تفاصيل المواعيد أثناء التنقل.

الاستدامة.. تكنولوجيا تحترم البيئة

أعلنت أوبو أن Find X9 يُعد من أكثر أجهزتها استدامة، إذ تم تصنيع 30% من هيكله من مواد معاد تدويرها، وتم تقليل انبعاثات الكربون في عملية التصنيع بنسبة 45%.
كما صُممت البطارية لتدوم أكثر من 1600 دورة شحن دون تدهور في الأداء، ما يعني عمرًا يتجاوز خمس سنوات من الاستخدام المنتظم.

سعر وتوفر Find X9.. رفاهية بسعر تنافسي

تبدأ أسعار السلسلة من نحو 899 دولارًا للطراز الأساسي و1099 دولارًا للطراز الأعلى Find X9 Pro.
ومن المتوقع أن يتم طرح الهواتف في الأسواق العالمية خلال ديسمبر 2025، لتنافس مباشرة هواتف سامسونج S25 وآيفون 17 برو.

خاتمة.. أوبو تكتب سطرًا جديدًا في تاريخ الهواتف

في زمن تتشابه فيه الهواتف من حيث الشكل والمواصفات، جاءت أوبو بسلسلة Find X9 لتُعيد المعنى الحقيقي للابتكار.
إنه ليس مجرد هاتف، بل تجربة فكرية وتقنية متكاملة تمزج بين الذكاء الاصطناعي والتصوير الحاسوبي، وبين الجمال الصناعي والروح الإنسانية.

ربما لم تعد المنافسة اليوم حول من يمتلك أكبر شاشة أو أسرع معالج، بل حول من يستطيع فهم الإنسان أكثر، وتقديم تكنولوجيا تُلهمه وتخدمه في آن واحد.
ومع Find X9، يبدو أن أوبو قد وجدت المعادلة الصحيحة: ذكاءٌ يرى، وعدسةٌ تفكر، وهاتفٌ يصنع المستقبل.